AHMED RASHEN METWALLY

السياحة

Picture

مع انتقالي مؤخرًا لشقتي الجديدة وجدت سلسلة من الملاحظات عن محادثات مع "ج"1 الذي ينتمي لجماعة صوفية خاصة تهتم بدراسة التقاليد الشفاهية2 واللغة الرمزية في العالم، وهذه الملاحظات تغطي الفترة ما بين فبراير 1982 إلى 1990، ومؤخرًا طلبت منه الإذن في أن أشارككم أجزاء من هذه النصوص ووافق (وهكذا دار الحديث) 

- لقد قلت: إن الذهاب في الطريق لسانتياجو أمر مهم، ولذا على المرء أن يتخلى عن كل شيء لبعض الوقت في سبيل ذلك، كل شيء: الأسرة، العمل المشاريع، وأنا لا أعرف إن كنت سأجد كل شيء كما كان عند عودتي
في الواقع آمل أنك لن تجد أي شيء على ما كان
إذن علي أن أقبل المخاطرة بفقدان كل شيء حصلت عليه حتى الآن؟
- فقدان ماذا؟! المرء له فقط روح يحصل عليها أو يفقدها، بصرف النظر عن حياته، لا يمتلك المرء شيئا، الحياة في المستقبل أو حياتك في الماضي لا تعني شيئا، أنت تحيا الآن حياتك، وعليك أن تفعل هذا في صمت متفهم وبحماس واستمتاع، ما يجب ألا تفعله هو أن تفقد حماسك.
لدي زوجة أحبها
(ضاحكًا) هذا هو العذر الأكثر شيوعًا وأكثر الأعذار حماقة، الحب لم يمنع المرء قط من مواصلة أحلامه، إن كانت تحبك حقًا فسترى الأفضل لك، وعلى كل حال أنت لا تمتلك امرأة تحبها، المرأة ليست ملكك، إن ما تمتلكه هو طاقة الحب التي توجهها لها، ويمكنك أن توجه تلك الطاقة من أي مكان!
وماذا لو لم يكن معي المال للحج؟
السفر ليس دائمًا مسألة مال ولكن مسألة شجاعة، لقد أمضيت وقتًا طويلا من عمرك تلف العالم مثل فرد من الهيبيز3، ماذا كان معك من المال عندئذ؟ لم يكن بوسعك أن تدفع ثمن التذاكر دائما، وبرغم كل شيء أنا متيقن أن تلك الفترة كانت من أفضل فترات حياتك، كنت تأكل أكلا سيئًا وتنام في محطات القطار، ولم يكن بوسعك التواصل بسبب عائق اللغة، وكنت مجبرًا على الاعتماد على الآخرين فقط من أجل أن تجد مأوى لتمضي الليلة.
السفر شيء مقدس، لقد سافرت البشرية منذ فجر الزمان.. بالبحر أو على الأرض؛ بحثًا عن الكلأ والصيد، في الحر وفي البرد أو في ظروف أفضل، قلة من البشر هم الذين تمكنوا من فهم العالم دون أن يتركوا منازلهم، عندما تسافر -وأنا هنا لا أتكلم عن السياحة بل عن التجربة المتفردة للرحلة- تظهر أربعة أشياء مهمة في حياتك:
المرء في مكان مختلف من ثم تختفي الحواجز الواقية، من الممكن أن تكون الشحاذة مؤلمة لكن سرعان ما يعتادها المرء، ومن ثم يبدأ في فهم: أن الأمور مثيرة خارج نطاق سور حديقة المرء.

حيث ان الوحدة قد تصير عظيمة وقاهرة؛ فالمرء أكثر انفتاحًا مع الناس الذين لا يتبادل معهم أي أحاديث عادة 
النادل، المسافرون الآخرون، السائق، المحصل، المسافر بجانبك...

يبدأ المرء في الاعتماد على الآخرين في كل شيء، إيجاد فندق، شراء شيء ما، كيف تركب القطار، ومن ثم يبدأ المرء في إدراك أن الاعتماد على الآخرين ليس نقمة، بالعكس إنه نعمة

يتكلم المرء بلغة لا يفهمها، ويستخدم نقودًا لا يدرك قيمتها، ويتجول في شوارع يراها لأول مرة، ويعرف المرء أن كل ما تعلمه لا يساوي شيئًا في الانفتاح على العالم وعلى التجارب الجديدة 
"إن السفر هو تجربة التوقف عن كونك الشخص الذي تحاول أن تكونه، أن تصير الشخص الذي هو أنت"
هوامش

1-ويرمز به لأستاذه الذي ينتمي لطريقة صوفية أوربية، وكان كويلو قد التقاه في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، وتتلمذ عليه، ويسميه "الأستاذ" كعادة الصوفية، وفي هذه القطعة يحكي نتفًا من محادثات جرت معه حول فكرة الرحلة، تتكلم عن الطريق الروحية، وتشير لفكرة الرحلة الروحية/المكانية.

2-التقاليد الشفاهية في العقائد المختلفة هي الموروث المنتقل شفاهة عبر الأجيال، وهي تعاليم المفسرين والشراح على النص الأصلي في العقيدة أو التقليد الكتابي

3-الشباب المتمردين في الستينيات الذين كانوا يرفضون كل شيء، ويسيحون في كل مكان بحثا عن معنى